كربلاء.. أرض التضحية والفداء
بدأ المسير نحو رحلة العروج المقدس، رحلة الفداء والولاء والوفاء، ساروا وهم يحملون ارواحهم الطاهرة بين ايديهم ليقدموها قربانا لمعشوقهم.. يقودهم سبط النبي الاعظم صلى الله عليه واله.. وصل الركب الى تلك الارض الموعودة، ارض تحمل اسرار الوالهين.. سأل ابو عبدالله عليه السلام ما أسم هذه الارض؟ فقالوا له، الغاضرية، كرر الامام سؤاله وهل لها اسم آخر؟ أجابوه:نعم نينوى… ويا لحروف نينوى
نون :فهي نور يضيء دروب الانام.. ياء:يقين بأن الحسين سفينة النجاة.. ونون أخرى :نار شبت وعلا دخانها في ارجاء الكون تعلن عن ظلم الظالمين.. واو :وعد الله الذي لايخلف الميعاد بإن تنصروا الله ينصر كم ويثبت اقدامكم.. والف تحمل آهات السبايا والايتام..
بل هي ارض كربلاء.. كاف :كفان لابي الفضل قد قطعت.. راء : روح القداسة حلقت.. باء : براءة للطفولة دفنت.. لام :لهيب من الاسى أشعلت.. ثم أنة لزينب الكبرى صدحت..
عن ابي الجارود، قال :قال علي بن الحسين عليه السلام:أتخذ الله أرض كربلاء حرما آمنا مباركا قبل ان يخلق ارض الكعبة بأربعة وعشرين الف عام وإنها اذا بدل الله الارضيين رفعها الله كماهي برمتها نورانية صافية فجعلت في افضل روض من رياض الجنة، وافضل مسكن في الجنة لايسكنها الا النبيون والمرسلون، او قال :اولوا العزم من الرسل وانها لتزهر من رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري من بين الكواكب لأهل الارض يغشى نورها نور إبصار اهل الجنة جميعا، وهي تنادي، انا ارض الله المقدسة، والطينة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء وشباب اهل الجنة) “1
اي مصيبة سرعان ما يتحول جمرها الى رماد الا مصيبة كربلاء، فأن شعلات أحزانها تتوقد في قلوب المؤمنين، فهي مصيبة فاقت جميع المصائب حتى مصائب الانبياء. روي الصدوق باسناده عن عبد الله ابن الفضل الهاشمي، قلت لأبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام :يا ابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله (ص)، واليوم الذي ماتت فيه فاطمة عليها السلام، واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين عليه السلام والذي قتل فيه الحسن عليه السلام بالسم؟ فقال :إن يوم قتل الحسين أعظم مصيبة من جميع سائر الايام، وذلك أن اصحاب الكساء الذين كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة، فلما مضى عنهم النبي صلى الله عليه واله بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فكان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلما مضت فاطمة عليها السلام كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام للناس عزاء وسلوة، فلما مضى منهم أمير المؤمنين كان للناس في الحسن والحسين عليهم السلام عزاء وسلوة، فلما مضى الحسن عليه السلام كان للناس في الحسين عزاء وسلوة، فلما قتل الحسين صلى الله عليه لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم. فلذلك صار يومه أعظم الايام مصيبة. قال عبد الله بن الفضل الهاشمي:فقلت له :يا ابن رسول الله، فلم لم يكن للناس في علي بن الحسين عليه السلام عزاء وسلوة،، مثل ماكان لهم في آبائه؟ فقال:بلى إن علي بن الحسين كان سيد العابدين، وإماما وحجة على الخلق بعد آباءه الماضين، ولكنه لم يلق رسول الله صلى الله عليه واله ولم يسمع منه، وكان علمه وراثة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه واله وكان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قد شاهدهم الناس مع رسول الله صلى الله عليه واله في أحوال في آن يتوالى، فكانوا متى نظروا الى أحد منهم تذكروا حاله من رسول الله صلى الله عليه واله وقول رسول الله له وفيه، فلما مضوا فقد الناس مشاهدة الاكرمين على الله عزوجل، ولم يكن في أحد منهم فقد جميعهم الا في فقد الحسين عليه السلام لانه مضى في آخرهم، فلذلك صار يومه اعظم الايام مصيبة ” 2
نعم لقد ابكت مصيبة كربلاء جميع الموجودات، الرياح بهفيفها، النار بتلهبها، الماء بجريانه وأمواجه، الشمس بكسوفها، القمر بخسوفه، والافاق بحمرتها..
في تلك الارض اعطى الحسين عليه السلام كل مايملكه، روحه، اولاده، إخوته، اهل بيته واصحابه في سبيل الله تعالى من اجل ابقاء الدين واصلاح الامة. وهذا هو سر خلود هذه الارض، بل هي جنة لامست اشرف جسد على وجه البسيطة، جنة جرت عليها دماء اطهر الاجساد، وستبقى ارض كربلاء ، ارض التضحية والفداء، جنة يشع نورها الى أعنان السماء..
بقلم صفية الجيزاني
………………………………
1-الوسائل للعاملي ج10 ص 403
2-علل الشرايع :1/225باب 161نقله البحار عنه :44/269