💢حدود العفة عند المرأة ( السيدة زينب أنموذج )
…
أن افضل خصال الأنسان الأخلاقية هي عفته عن المحارم ذكراً كان أو أنثى ولذا كان لزاماً على النفوس التي تتمنى الجنّة أن تتحلى بالعفة من خلال الأستقامة على طاعة الله ومخالفة الهوى والابتعاد عن الفحشاء والمنكر ولذلك نجد أن الشريعة حثّت على التخلق بالعفة بل أمرت به ولم يختص الأمر بالنساء كما يتوهم البعض بل كذلك الرجال ولكن حيث ان المرأة تمثل عامل مهم في المجتمع وهي نصفه إن لم يكن كله وجدنا أهمية أن نسلط الضوء على عفة النساء والخوض فيه لبيان أن صلاح أي مجتمع يبدأ بصيانة المرأة والحفاظ عليها من المهلكات وحتى نتمكن من ذلك علينا أن نبين ثلاث أمور هي :
أولا / حقيقة العفة
ثانياً/ حدود العفة عند المرأة
ثالثاً/ أعطاء أنموذج للعفة النسوية وخير مَنكانت مثال وقدوة في العفاف عند المرأة هي مولاتنا زينب (ع)
وبيانها
أولا / حقيقية العفة
لم تكن العفة في المنهج الاسلامي بمعنى حرمان النفس من رغباتها المشروعة بقدر كونها الأعتدال والأستقامة في تعاطيها مع تلك الرغبات ومنعها من الافراط والتفريط لما في الافراط والتفريط مضار جسيمة على الانسان يصل الى حد اخراجه من دائرة الانسانية الى دائرة البهيمية فيتحول الانسان من انسان يقوده عقله الى أنسان تقوده بهيميّته وبذلك يتضح ان العفة صفة وسطية بين طرفين مهلكين أذ أن خير الامور أوسطها فتلك الحقيقة التي يجب معرفتها والتعريف بها أما التعريف اللغوي والأصطلاحي فقد استغنينا عنه لأن الوصول له سهلٌ يسير على عكس الحقيقة فمعرفة حقائق الأمور أمرٌ في غاية الأهمية بل هو من غايات الأنسان للوصول الى الكمال فمن غير الممكن وصول النفس الأنسانية الى الكمال بجهلها الحقائق فكيف أذن ونحن نخوض في أمر يخص تلك النفس بل تعتبرها الشريعة أحدى كمالات الأنسان وحيث أتضحت حقيقة العفة في كونها حالة وسطية معتدلة لابد علينا ان نبين حدود ذلك الاعتدال فمعرفة الحقيقة لا تكفي للوصول الى بر الأمان فحتى نجعل النفس تتجنب الوقوع في الحرام علينا بيان حدود تلك الحقيقة وما ذلك الّا لتمكن من اجتناب الافراط والتفريط اللذان هما طرفي العفة ونخص بالمقام حدودها بالمرأة على وجه الخصوص لكونها عنصر مهم في المجتمع أن لم تكن اللاعب الأساسي لكل اعتدال
ثانيا / حدود العفة عند المرأة
أن اصعب ما يعاني منه الأنسان هو معرفة الأعتدال لأن معناه معرفة الحد الفاصل بين الحلال والحرام فالأمور المادية ميسورة أكثر من الأمور المعنوية في معرفة حدودها والعفة من الأمور المعنوية والأعتدال بها مختلف بحسب حاجات الافراد وطاقاتهم لكونها مختلفة ايضاً فقد يكون الافراط والتفريط في فرد هو اعتدال في آخر ولذا كان جهاد النفس هو الأهم والأقوى والأكبر في الأسلام فكيف أن تعلق الأمر بالمرأة ذلك المخلوق الرقيق العاطفي الرحيم وكيف بها أن كانت تواجه تحديات من الشيطان الذي يسعى لإيقاع الأنسان في المهالك ليحرفه عن جادة الحق فهي عرضة للخطر أكثر من الرجل فكان لابد من بيان حدود العفة في المرأة من جانب الأفراط والتفريط لتتمكن من المحافظة على الأعتدال المطلوب وحقيقية الاعتدال عند المرأة وبيان حدودها يكمن في بذل الاسباب التي تصون دينها وخلقها وتتجنب الاسباب التي تخدش دينها وخلقها ولا يمكن ذلك الا أذا تمكنت المرأة من حماية نفسها بالشريعة الأسلامية لتكون في عداد المؤمنات الصالحات ويمكن تحديد الاعتدال من خلال بعض الامور المهمة التي نجملها بنقاط
1/ الاستعانة بالله وسؤاله الهداية والصلاح لان العبد لا يستغني عن توفيق الله في آن من آنات حياته خصوصا وانها تتلوا في كل صلاة ( اهدنا الصراط المستقيم ) وهي بهذه الأستعانة تتجنب طرفي العفة المهلكان ( الافراط والتفريط )
2/ الحرص على الحجاب والابتعاد عن الزينة ونخص بالحجاب الحجاب الشرعي فقط لانه العلامة الدالة على شرف وعقل المرأة فبالحجاب وقد بينت الشريعة معنى الحجاب الواجب على المرأة والذي يعطيها هويتها المسلمة لأن هوية المرأة حجابها وبذلك يتضح أهمية العفة لأن في عفة المرأة هوية متى ما تجنبت الوقوع في حد الافراط والتفريط تكون قد حافظت على تلك الهوية من الضياع
3/ عدم السفر الا مع المحارم وعدم الخلوة بالاجنبي لما في ذلك من حفظ للمرأة من اخطار السفر والخلوة التي قد تؤدي الى الافراط او التفريط في احيان كثيرة أن تركت المرأة حرة فيها حيث أن للشيطان مداخل كثيرة كما أشرنا لذلك على المرأة تجنبها
4/ عدم الخضوع بالقول والتعطر وغض البصر لما في ذلك تأثير في القلب ويوقد ناراً قد لا نتمكن من اطفاءها وتؤدي بالمرأة الى المحرمات فتنزلق في حد الافراط وبذلك تتضح علة احكام الشريعة التي الساعية لسعادة الانسان والوصول به الى اعلى درجات الكمال وبالخصوص المرأة وما ذلك الى لمقام المرأة في الأسلام فلم يسعَ الدين الأسلامي كما يروجون أعداءه الى فرض طوق الأسر على المرأة بقدر كونه أراد لها الكمال وعلى جميع النساء أن
تعي ذلك
هذا مجمل الامور التي من خلالها نقف على حد الاعتدال للعفة الذي قد يراه الكثير من أنه أمر صعب تحقيقه مع أن هناك نساء كُثر تمكنوا من أن يكونوا مشعلا ونبراسا ومثالا لذلك الاعتدال ووصلن الى مرتبة العصمة وهناك نساء وصلن للاعتدل من خلال الاقتداء بالمعصومات كمولاتنا زينب (ع) ونحن أذ نبحث في موضوع العفة في ذكرى ولادة السيدة زينب بنت علي بن ابي طالب (ع) وجدنا كان من اللائق أن نذكرها كأنموذجاً يحتذى به خصوصاً أن الاقدار شاءت ان تمر بمواقف عصيبة ومع كونها مواقف يصعب معها الصبر نجدها صبرت وكانت نبراساً للعفة وأنموذجاً يحتذى به للحفاظ على العفة من حد الأفراط والتفريط مهما كانت ظروف المرأة صعبة فتلك الظروف لا تكون مبرراً للأنحراف لمن أراد الكمال والمرأة انسان عاقل يفهم معنى الكمال
ثالثاً / عفاف السيدة زينب (ع)
أن كل مفهوم أخلاقي بعد بيانه لابد أن نعطي له أنموذجاً فاعلاً لكي يعطي أثره في المجتمع فلا يكفي بيان معنى العفة وحقيقتها وحدودها بل لابد أن تدعم كل تلك البحوث الأخلاقي بأمثلة واقعية لتكون مرآة عاكسة نحيي به الأخلاق الأسلامية وحيث أننا ننتكلم عن حدود العفة عند المرأة بحثنا عن مرأة لم تتصف بالعصمة المطلقة لكنها بلغت بعفافها لحدود تلك العصمة ولم تعش حياة الترف الفاحش مع أنها أبنة خليفة الله الإمام علي (ع) وأمها سيدة النساء فاطمة (ع) فبيت المال عند أبيها لكنها أختلفت عن غيرها كما أختلف علي ابن ابي طالب (ع) فكانت هي رمز العفاف وكان علي (ع) رمز للعدل ولا ننسها إنها مرت بظروف يصعب التعايش معها لو مررنا بها نحن فتلك الظروف كفيلة بأخراج الأنسان عن جادة الحق لكنها تختلف فقد كانت في تلك الظروف أنموذجاً رائع للعفاف حتى أقترن العفاف بإسمها وتزين بذلك الأسم
فالكلام عن مولاتنا زينب (ع) كلام عن منظومة أخلاقية لا مجرد شخصية تاريخية
فقد بلغت بحجابها وسترها حداً وضعها في الرتبة الاولى بعد أمها الزهراء (ع)
والتاريخ يشهد بذلك فعندما واجهت يزيد ( لعنة الله عليه ) وبخته على هتك الستر وتعريضهن للنظر من الاجنبي مع أنها لم تستفق بعد من أثر الجريمة التي أرتكبها جيش الطاغية في كربلاء فلم تنسها تلك الجريمة الأخلاق الأسلامية
كما إن خروجها كان مع المحارم
ولو تكلمنا عن مولاتنا زينب (ع) فلن تكفينا وريقات ولا حتى الكتب لإننا نحتاج الى سنين ولا نعرف هل سنصل لأسرار تلك الشخصية العجيبة
فالعفاف رافق مولاتنا زينب (ع) منذ أول حياتها الى مماتها سلام الله عليها حتى روي أنها عندما تزوجت وسكنت بالقرب من بيت ابيها ولكن لم يرَ لها شخصاً ولا سُمع لها صوتاً
بل وأكثر من ذلك كانت اذا ارادت زيار قبر جدها رسول الله (صوآله) تخرج ليلاً والحسنين عليمها السلام عن يمينها وشمالها وعلي ابن ابي طالب (ع) امامها وإن وصلت للقبر أخمد امير المؤمنين (ع) ضوء القناديل
وأذا بمولانا الحسن (ع) يسأل ابيه عن السبب فأجابه امير المؤمنين (ع) ( أخشى أن ينظر أحد الى شخص أختك زينب )
آه يا زينب
كم نحتاجك في زماننا هذا
فنحن اليوم وللأسف الشديد نعاني من تراجع ملفت للنظر في تقدم المرأة على جميع الاصعدة وأهمها الأخلاق والعفة تتصدر تلك الأخلاق
وعلى الجميع رجالاً ونساءً أن يتكاتفوا لنصل الى بر الأمان
فالمسؤولية اليوم تقع على عاتق الجميع وأي أنحراف يطال المرأة فالرجل له نصيب من ذلك الأنحراف وأي تردي يصيب المنظومة الأخلاقية التي سعى لها أهل البيت (ع) لبيانها وتثبيت أسسها فالرجل مسؤول عنه وليست المرأة فقط
بل إن المسؤولية كل المسؤولية تقع على عاتق المؤسسة الدينية التي يجب أن تقدم الدعم للمرأة للمضي في دراسة علوم أهل البيت (ع) لتكون محصنة من أي أنحراف فكري أو اخلاقي
فالسيدة زينب (ع) ليست قدوة تحتذي به النساء فقط بل هي قدوة للرجال ايضاً والرجل المؤمن الذي يعي معنى هذا الكلام نجده يسعى لخلق أنموذجاً نسوياً في مجتمع اليوم لتكون قدوة أخرى للاجيال القادمة كما فعل ذلك السيد المرجع محمد باقر الصدر ( قد سره ) عندما اعطى مثالاً رائعاً للمرأة في شخص أخته بنت الهدى ( رضوان الله عليها )
سؤال الى كل الرجال
هل عجزتم عن ذلك أو أنكم رضيتم بالواقع المرير ؟
أترك الأجابة
واحمد الله على ما أنعم علينا
والصلاة والسلام على محمد وآل محمد وعجل اللهم فرج امامنا الحجة (عج)
✍بقلم / وجدان الشوهاني