✍زهرة ابيها
يتيمة الأم ، صغيرة عندما فارقت امّها ،عاشت في رعاية ابيها ، الذي استهزأ به البعض وآذوه حتى إنّهم كانوا يلقون بالقاذورات عليه فكانت على صغر سنّها تأتي لتزيل كل ما كان يُرمى وتتحنّن عليه وكأنها أمّه وليست ابنته .
فاليتم من جانب قد عصف بها وأذى القوم من الجانب الاخر يعصف أيضاً
لكن تقبيل ابيها لها كان مرهماً يداوي كل جراح الزمن .
وشيئاً فشيئاً صار ذو مكانة ورفعه الله لمقام عالٍ حتى لم يبق أحدٍ الّا وآمن به وكبرت تلك اليتيمة وتزوجت ولكن لم يمنعها زوجها من ابيها بل على العكس كان صورة أخرى من أبيها فبيتها كان البيت الذي يجد ابوها فيه الراحة ويشمّ من زهرته رائحة تلك الزوجة التي انجبت هذه الزهرة .
كم كان يطرق الباب قبل أن يدخل أمام مرآى الناس ليعلم الجميع إن مَن خلف الباب هم ذو مكانة .
كم كان يقبل يَدي زهرته أمام جميع زوجاته ليعلمنَ انها ليست مجرد بنت بل هي الجنة.
فما إن تغضب يغضب هو وما إن ترضى يرضى
كل ذلك جرى امام الجميع لم يخف شيء عنهم فلقد كانت البنت التي لم يعادلها اي ابن في زمن كانوا ينظرون للمرأة نظرة دونية
فتغيرت نظرة المجتمع بفضلها
ولكن جرت المقادير على رحيل ابيها وما إن رحل
حتى تغير كل شيء
منعوها البكاء عليه فبنى لها زوجها بيتاً في اعتاب مدينة ابيها
أنكروا عليها أرثها من ابيها مع انه حقها الشرعي ولم يكتفوا فجاء الاصحاب الذين كانوا يرون كيف يتعامل الوالد مع زهرته ليهجموا على بابها الذي كم مرة كان يطرقه استئذاناً فهددوا واضرموا النار وتجاسروا على تلك الزهرة فالتفّت بعباءتها وواجهت بكل قوة رغم الالم
وقالت أعلموا !
ولكنهم جهلوا
وصمّوا آذانهم
فكان ما كان حتى ذبُلت واعتزلت الجميع وأوصت بوصاياها
فكانت كلما سمعت الآذان يُغشى عليها من الحزن حتى ذبُلت زهرة ابيها ولم تعد كسابق عهدها وما هي الّا أيام واذا بالخبر يعج بالمدينة
ماتت زهرة المدينة واظلّم كل شيء
شُيّعت ليلاً ودفنَت سراً واخفي القبر عن الجميع كما أوصت
لتعلن انتفاضتها في وصيتها
على من جهل حقها
هل تعلمون مَن تلك الزهرة ؟
هي فاطمة وابوها محمد
وهم أعداءه الذين ما رعوا في زهرته شيء فاستباحوا كل شيء
وجعلوا له سنّة سيئة سنّوها وسار عليها كل مَن تابعهم
وداعاً يا زهرة محمد
وداعاً يا زهرة أذبلتها آيادِ الحقد والحسد
✍ بقلم /وجدان الشوهاني