رحلة العشق الالهي في رحاب السيدة خديجة (ع)
رحلة العشق الالهي في رحاب السيدة خديجة (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين ابي القاسم محمد اللهم صل على محمد وآل محمد
((السيدة خديجة عليها السلام حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الابدي))
عندما نتامل رحله حب النبي صلى الله عليه واله وسلم و خديجه عليها السلام نجد روضه من رياض الحب والموده والسكينه حيث تبدا الرحله
سمعت بصدق الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وأمانته وكرم أخلاقه، فعرضت عليه أن يعمل معها في التجارة، ويتولّى أمر القوافل بما فيها من البضائع، فخرج تاجراً بأموالها، ورافقه غلاماً لها اسمه مَيسَرَة، ورأت السيدة خديجة الأمانة في المال والبركة بتجارة الرسول فيه على غير صورةٍ سابقةٍ، كما أخبرها غلامها ميسرة بأخلاق الرسول وشمائله العظيمة، فأُعجبت بتعامل الرسول وأخلاقه،
وفي الشّام نزل الرّسول تحت شجرة قريبة من صومعة لراهب هناك ليستظلّها، فاطّلع الرّاهب إلى غلام السيدة خديجة وسأله عن رسول الله، فقال له ميسرة: إنّه رجل من قريش، ومن أهل الحرم، فأخبره الرّاهب أنّه ما نزل تحت الشجرة إلّا نبيّ، ثمّ أتمّ رسول الله التجارة التي خرج لأجلها، ثمّ عاد إلى مكّة، فلمّا كان ذلك أخبر ميسرة السيدة خديجة عن كرم أخلاق النبيّ وصفاته المتميزة،
وعرضت عليه الزواج منها، فتمّ العقد بين الرسول وخديجة بحضور بني هاشم ورؤساء مُضر، وكان عُمُر السيدة خديجة حينها أربعين سنةُ، وهي أول امرأةٍ تزوجها الرسول، ولم يتزوّج عليها أحداً قطّ إلى أن تُوفيت وقد تزوّج النبي -صلّى الله عليه وآله وسلم – من السيدة خديجة قبل البعثة بخمسة عشر سنةً، وكان عمره حينئذٍ خمسة وعشرون عاماً،
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، شديد الوفاء للسيدة خديجة، وهي التي كان يقول عنها: “إني رزقت حبها”، ، وكانت توصف بأنها شديدة العفاف حتى إنها كانت تسمى بـ “الطاهرة”.فتمازج الحب والطهر هذه العلاقة والرحله بين السيده خديجة عليها السلام والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لها أوجه متعدده وهناك امران مهمان الأمر الأول / هو عنده كل الاوجه فيها الم وغربه وقسوة عانت كثيرا هذه العلاقة من القسوه المفرطة التي لاقتها من الناس انذاك يكفي أن تقرأ حصار ال ابي طالب لترى وجه المعاناة التي كانت تعانيها هذه المرأة مع هذا الرجل وهذا الامر ملفت للنظر ان كل أوجه العلاقة سياسيا واقتصاديا ومنزليا ورساليا كانت معاناة لاراحة فيها
الامر الثاني /رغم القسوة والتعب لكن الاغرب من ذلك هو أن كل اوجة العلاقة كانت مغطاة بالحب مفروشة بالحب في حياة السيدة خديجة عليها السلام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم امر عجيب وكأنه نذر على أنفسهم على أن لايتركوا الحب مهما كانت الظروف التي كانت تكتنفهما وهذا ما يجعلنا نتأمل في معنى الحب بالنسبه للسيده خديجة عليها السلام إذ انه لم يكن ترفيا او عرضيا او ثانويا او ليس ضروريا بمعنى انها تركز على أشياء أخرى ومن ثم يأتي الحب. هذا لم نجده في حياة السيده خديجة عليها السلام إذ ان حبها كان ضروريا وواقعيا واصيلا مملوء بالحياة والحنان ولم يكن ترفيا وهامشيا اذن حريا بنا ان ندرس معالم هذا الحب الرسالي الذي بين السيدة خديجة عليها السلام وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ندرس هذا الحب لسببين السبب الأول /ان مانعيشه في زماننا من فقر وقحط في الحب وان كان من حب فهو حب متبادل مصلحي مالذي عندك وماالذي تعطيني واعطيك وماذا تبذل وابذل حب اناني مملوء برائحة الانانيه تعصف هذا الحب اي ريح قادمه من سوء فهم او اقتران بزوجة ثانية وغيرها من الرياح التي لاتبقي ولاتذر من هذا الحب.
السبب الثاني /هو دراسه الدين وجمالياته هذا الدين العظيم الذي في اشد حالاته لم يغفل عن الحب ولم يترك الحب ولم يعزل للحب عن الحياه عن الإمام الباقر عليه السلام قال (الدين هو الحب والحب هو الدين) *
وعن الإمام الصادق عليه السلام هل الدين الاالحب؟ ان الله عز وجل يقول“قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله “*
.
بعد التامل والتدقيق في سيره السيده خديجه عليه السلام مع النبي صلى الله عليه واله وسلم.
سنجد حبها مبنيا على أربعة اركان/
الركن الأول _ حب المبادره وليس حب الانتظار والترقب وهذا ينفع في القضيه المهدويه و ينفع في القضيه الاسريه والرساليه فإن السيده خديجه لم تنتظر ولم تترقب بل بادرت بالحب حب السيدة خديجة عليها السلام كان حب مبادرة وحب اقتراب وليس ارتقاب حب فيه حركة وفيه خطوة حب الذاهبين حب الذين يعرجون إلى المحبوب وليس حب المرتقبين المنتظرين الذي يجلسون حتى يأتيهم المحبوب وهذا معنى عقائدي دقيق انه في بعض الأحيان نقول لماذا السيدة خديجة عليها السلام هي التي خطبت النبي وعرضت عليه الزواج فهذا ليس متعارفا بين المتساويين العاديين لكن إذا كان المخطوب هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم هنا التفتت السيده إلى نقطة مهمه الا وهي ان الخطبه خطبة عقائدية هي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لايحق
لها ان ياتيها هي التي تذهب اليه لماذا؟ لانه امام اني جاعلك للناس إماما والإمام متقدم في كل شيء قضايانا الاعتباريه التي هي الخطبة وهذه الالتفاته دقيقه ينبغي أن نسجلها ونهتم بها.
الركن الثاني / في حب السيدة خديجة عليها السلام هو ركن الارتقاء إلى المحبوب وليس ركن الاستغناء فالسيده خديجة عليها السلام رغم أنها سيدة أعمال وغنيه وثريه ومعروفه وبنت عائلة كريمة وقويه ورغم ان الجميع يطلب ودها لكنها لم تشعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنها مستغنيه عنه لاحظوا ثلاث مراحل مره الزوجة تقول لزوجها انا لا احتاجك ومره تسكت ولاتقول له انا احتاجك وهاتين سلبيتين ومره تقول له انا أفتقر إليك، السيدة خديجة عليها السلام عبرت مرحلة السكوت ومرحلة الجحود ودخلت مرحلة الافتقار والاحتياج والاندكاك والاندماج والذوبان في شخصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم
هناك ابيات شعرية تنسب للسيدة خديجة عليها السلام في حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعبر عن بعض هذه الأجواء (ولو ان لي في كل يوم وليلة بساط سليمان وملك الاكاسرة لماساوت عندي جناح بعوضة اذا لم تكن عيني لوجهك ناظرة) *
هذا الافتقار ان المحبوب إن اشعر محبوبه بأنه مفتقر اليه زادت المحبة بينهما خصوصا حينما يكون الشخص المقابل منصف مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولايستغل هذا الجانب في بعض الأحيان نرى بعض الأزواج للأسف عندما يعلم أن زوجته محتاجة للمال يستغلها ويتسلط عليها لذلك بعض الزوجات لاتستطيع ان تقول هذه الكلمة بينما السيدة خديجة تقولها وتصرح بها.
الركن الثالث /هو الحب المتسع وليس الحب الضيق احيانا نجد رساليا له زوجة لكنها تحبه كزوج فإذا زاحمت رساليته زوجها وحبها تبدأ تحدث المشاكل مايسمى بالحب البيتوتي ولسان حال الزوجة (حبك في العمل وحوائج الناس وخدمنهم فأنا لاارغب اتألم وانزعاجي ليس من عملك وخدمتك وإنما لأنك لم تبقى معي كثيرا أريدك لي اكثر من اي شيء) بالنتيجة هذا حب سلبي.
السيدة خديجة عليها السلام كان حبها حبا واسعا احبته نبيا وعاملا وتاجرا وابا واخا وصديقا وصاحبا…. الخ وهذا من اللطائف الدقيقة التي تبين لنا شخصية السيدة خديجة عليها السلام شخصية العارفه اي عارفه بتجليات النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهي تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو نفسه في التجارة شخصية تجاريه هو نفسه عند نزول الوحي شخصية نبويه هو نفسه في الجهاد شخصيه جهاديه هو نفسه الذي يجلس في البيت معها فيبادلها الحب والاشتياق هكذا هي لم تعزل الشخصية الخارجيه عن الداخلية بل مزجتهما بالشخصية الواحدة المحبوبة الكامله وهذا هو الحب الحقيقي من المحبه الكامله إلى الشخصية الاكمل وهذا مانفتقر اليه في زماننا كثيرا.
الركن الرابع /هو أن حب السيدة خديجة عليها السلام حبا لايعتمد على مايبذله المحبوب بل على مايبذل للمحبوب وليس لسان حاله (ماالذي أعطاني مالذي منحني ماالذي جلبه لي) لا وإنما ماالذي اعطيه ماالذي انفقته له يعني النظر الى ماتعطي قبل ان تنظر ماتاخذ؛ لانظر الامتنان بل نظر الافتقار انها تبحث عن تكليفها وواجباتها قبل ان تبحث عن تكليفه تبحث ماعليها قبل ان تنظر ماعليه وهذه ميزة جدا دقيقه في هذا الزمان قد تخفى. وصارت نادره للأسف.
هذه الأركان والمميزات الأربعة نستطيع أن نعبر عنها قواعد العشق الاربعه مع الله تعالى مع الناس مع شريك الحياة في مختلف الميادين لذلك صار حب السيدة خديجة عليها السلام خالدا ابديا في قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويعتز به فبعد ان توفيت قال ماابدلني الله تعالى خيرا منها حيث كان يستنكر على من يقول ذلك فالسلام عليها يوم ولدت ويوم انتقلت الى جوار ربها وهي تواسي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويوم تبعث حيا.
*نور الثقلين 5/285/49.
*الخصال 21/74
*ظ_المجلسي في بحار الانوار 16/52