خُذْوا المَوْعِظَةَ مِنْ إِمامِكُمُ المُجْتَبى (عليه السّلام)
.
حَرِيٌ بنا نحن شيعة أهل البيت ان نتَّعظ من كلماتهم النورانية والتي تدخل القلب دون إستئذان .
وطلب الموعظة ولاسيما الإتعاظ من كلام أهل بيت العصمة (عليهم السلام )أمر في غاية الحسن فهم( سلام الله عليهم) رسموا خارطة الطريق لمن أراد ان يحيى حياة الأبرار .
ويذكر إن الشيخ الأنصاري (رحمة الله تعالى عليه) وهو عالم زاهد ورع، وتأخذ حوزاتنا العلمية من علمه منذ أكثر من مائة عام إلى يومنا هذا، إذ لا زالت دراسات الحوزات تدور حول المحور العلمي والفقهي والأصولي الذي أوجده الشيخ، ومع ذلك كان هنالك واعظ في زمانه، ربما هو الشيخ جعفر الشوُشتري أو غيره، حينما كان يراه الشيخ الأنصاري وهو المرجع الأعلى كان يقول له: يا شيخ جعفر عِظنا فقد قست قلوبنا، لأن القلب يصبح قاسياً بسرعة..
وقد أشار القرآن الكريم إلى قسوة القلوب حيث قال تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ).
وأهل البيت علمونا كيف نعيش في الدنيا.
وتُحسب لجُنادة هذا الالتفاتة الرائعة ، حيث في اللحظات الحرجة للإمام (صلوات الله وسلامه عليه وآله) وهو يتجرّع ألم السم إذ لم يُفوّت الفرصة حين قال: عظني يابن رسول الله (صلى الله عليه وآله).. مع أن الإمام (عليه السلام) كان يعاني ماعاناه ، ولكنه كدأب أهل البيت (عليهم السلام) لا يأبى النصحية.
فوافق الإمام الحسن (صلوات الله عليه) فأخذ يعظ جُنادة ويعظنا بكلماته جميعاً، فقال (عليه السلام):
(نعم، استعد لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه، واعلم أنك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلاّ كنت فيه خازناً لغيرك، واعلم أن في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك…)، إلى آخر كلامه (صلوات الله وسلامه عليه).
وهذه الكلمات توحي لنا بعدة أمور .
1⃣الاستعداد للرحلة الشّاقة.
الإمام المجتبى (صلوات الله عليه)ينصح جُنادة ويقول له: (استعد لسفرك)، فأمامك سفر طويل ، وتحتاج إلى استعداد لذلك السفر.
ــ وكيف نستعد له يا بن رسول الله؟
يقول الإمام (عليه السلام): (حصّلْ زادك قبل حلول أجلك)، فهذه الرحلة تحتاج إلى زاد، وما هو هذا الزاد؟ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى.
2⃣حقيقة مرّة .
حيث يقول الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): (واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك)! الإنسان يركض وراء حطام هذه الدنيا والموت من خلفه ليغتاله.
3⃣عليك بيومك هذا.
يقول الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): (ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه).
لا يهمك ما سيحصل غداً، بل عليك بهذا اليوم:
ما مضى فات… والمُؤمّل غيبٌ
إذن عليك باليوم ولا يشغلك الغد.. وهذا من أسرار نجاح الإنسان.
ومع ذلك يظل الإنسان قلقاً، فلماذا تقلق بسبب الغد؟ ومن قال لك بأن الغد سوف يأتي إليك؟
وقد يقضي الإنسان نصف عمره بالأسف على ما فاته، ونصفه الآخر قلقاً على ما يأتي، ويخسر الحاضر، وماذا يستفيد من ذلك؟
فعش اللحظة التي أنت فيها…
4⃣الخسران المبين .
جاء في موعظة الإمام الحسن (عليه السلام) لجُنادة: (واعلم أنك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلاّ كنت فيه خازناً لغيرك). أيها الانسان ما فائدة الأموال؟ ولمن تجمعها؟
وما قيمة قوتك؟ وما مقدار بيتك وبقية أموالك؟ وماذا تنفعك يوم رحيلك؟
نعم هكذا تكون الدنيا.
5⃣اجتناب الشبهات.
يقول الإمام المجتبى (عليه السلام) في وصيته: (واعلم أن الدنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب)
فالإنسان يحاسب على الحلال .
ويعاقب على الحرام.
ويعاتب على الشبهات.
أحياناً يقول أحدنا: إنَّ هذه كلمة مشبوهة، بمعنى أنه لا يعلم إن كانت حلالاً أم حراماً، فعلى هذه الكلمة هنالك حساب وعتاب، لماذا قلت هذه الكلمة؟.
نعم لم يكن من المعلوم أن تلك اللقمة كانت حراماً، ولكن يصح عليها وصف لقمة مشبوهة فلماذا أكلتها.
وهذه بعض المواعظ التي وعظنا بها سيدنا وإمامنا المجتبى (صلوات الله وسلامه عليه)، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المُتعظّين، وصلى الله على محمدٍ وآله الطاهرين.
@@@@@@@@@@@@@@@@
#مجمع مبلغات فرع القرنة .