♦️للكرم حكاية اسمها الحسن بن علي (عليه السلام )
……………
ألتقيتُ الكرمَ ذات مرة ، فتجاذبتُ معه أطراف الحديث ، وسألته عن نفسه ، فبدأ يتكلم عن نفسهِ ، وكيف إِنَّهُ من الصفات المحمودة التي يتمنى أن يتصف بها كلُّ إنسان ، وتكلّم عن خصائصه ، و إنَّ الإسلام دعى المسلمين للإتصاف به ، ثم تطرٍقَ لحكاياته الكثيرة التي جمعته مع أشخاص كُثر ، حتى إنهم عُرفوا به ، وهنا قاطعته لأسئله .
أيّ تلك الشخصيات التي أُعجِبتَ بها ؟
فابتسم ، قائلاً : إنّه الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام ) .
فقلت له : أنّى كان أعجابك به ، وأنت تقول إن مَن اتصف بك عُرف من خلالكَ ، فالفضل لكَ.
فقال : إلّا الحسن بن علي (عليهما السلام ) ، فبه كان لي شأن عظيم .
فقلت : حدثني أكثر ، فقد زادت لهفتي لمعرفة حقيقة إرتفاع شأنك به .
فقال : لست سوى صفة ، ومَن يتصف بي بناءً على تكرار الفعل ، سأكون قرينه وملكة بالنسبة له ، وهذا أمرٌ طبيعي يتمكن منه الجميع ، فيرتفع شأنهم بي ، لشرفي كصفة ، ولكن عندما يتصف بي شخصاً ذو شأنٍ عظيم ، وله مكانةٌ عند الله (سبحانه وتعالى ) ، فهكذا شخص وإن كان لي شرف الصفة ؛ لكن ازددتُ شرفاً لشرفهِ ، وأصبحتُ ذو مكانة لمكانتهِ، وصيّرني صفة يتسابق للإتصاف بها القاصي والداني بسبب اتصافه بي ، وهذا هو حالي مع الحسن بن علي (عليهما السلام ) ؛ لذا قلت إنّه مختلف عن الآخرين .
قلت له : جميلٌ كلامكَ عن الإمام الحسن (عليه السلام ) ، فقاطعني ،
وقال : والأجمل هي حكاياتي مع كرمه (عليه السلام ) ، ولكن لا وقت لدي لأسردها جميعاً ؛ لإنها تحتاج الى وقتٍ طويلٍ جداً .
فقلت له : لدي سؤال يحيّرني ، ولكن لا أجد مَن يجيبني عنه ، لكنّكَ الوحيد الذي لديه الأجابة .
فقال : سلي ما بدا لكِ .
فقلت : لماذا عندما تُضرب الأمثال عن الكرم يذكرون حاتماً الطائي ، ولا يذكرون الإمام الحسن (عليه السلام ) .
هل لكَ أن تجيبني ؟
فطأطأ رأسه ، وكأنما أخجله سؤالي .
ثمّ قال : ظُلامة من ظُلامات الإمام الحسن (عليه السلام ) ، لا أنكر إتصاف حاتم بالكرم ، ولكن لا قياس بين كرمه وكرم الإمام ، فهو كنقطة في بحر كرم الإمام الحسن (عليه السلام ) ،ولكنّه التاريخ الذي ظلم أهل البيت جميعا وكان للإمام الحسن (عليه السلام ) نصيباً كبيراً ، فكرم حاتم الطائي كرمٌ مشوب بتلويثات الجاهلية وثوب الصنمية ، وكرمُ الإمام الحسن (عليه السلام ) نقيٌ ، ناصعٌ .
لكنّها الإقلام المأجورة التي تحن للجاهلية ، فما تفتأ تذكر حاتماً ليس حباً به ولكن حتى تخفي كرم الإمام الحسن (عليه السلام ) ، فكرمه يطيح بجبروتهم وظلمهم ، فلو فتحنا باب الكرم عند الإمام الحسن (عليه السلام ) وكشفنا اللثام ، لتم فتح بقية الأبواب ، ولكُشف اللثام عن كلِّ الحقائق ، لكنّه التاريخ المشوه الذي شوه شخصية الإمام الحسن (عليه السلام ) ، ونعته بنعوت كثيرة .
فقلت له : أعتذر منكَ ، فلقد آلمتكَ بسؤالي .
فقال : كلا . لكن احذري فقد يتهمكِ البعض بالتعصب .
فقلت : تعودنا على ذلك ، فالحقيقة تؤلم البعض .
فنظرتُ الى ساعتي ، فالوقت يداهمني ولم يبق لوقت الإفطار الكثير ؛ لإن اللقاء كان في شهر رمضان .
فقلت له : إيها الكرم ، لم يبقَ للإفطار الكثير ، ولكن لدي سؤال ، ولعله الأخير .
فقال : قلتُ لكِ سابقاً ،سلي ما بدا لكٍ ، والآن أعيدها ، فالكرم لا يبخل ابداً .
فابتسمت .
وقلت : ونحن في شهر رمضان ، وتعلم إن ولادة الإمام الحسن (عليه السلام ) في الخامس عشر منه .
ألكَ أمنية ؟
فقال : نعم . أريد أن يعرف الجميع ، أن الإمام الحسن (عليه السلام ) هو أجمل حكاياتي .
فقلت له : إن شاء الله ، ستتحقق .
وقلت له : فرصة سعيدة جمعتنا ؛ وشكراً
فقال : وانا الأسعد ، ونصيحتي لكِ ، لا تبخلي مع الكريم ، واكتبي لقاءنا هذا .
فقلت : إن شاء الله .
وكان الوداع ، لكنه وداع لقاءٍ لا وداع اتصاف .
بقلم / وجدان الشوهاني