لا تقولوا وداعاً
كلمة مؤلمة تُقال عند ذكر مصيبة فقد الامام وهي الوداع ياأمير المؤمنين ، فهذه الكلمة تضيف جرحا على جرح الفجيعة و ألما على فقد مهدي الشريعة ، وكأنه انتهى كل شي مع الامام ، ولكن هيهات فأن علياً لم يمت ، بل حياً بنفوس المؤمنين ، وهو النبض لقلوب المتقين ، ونور بصيرة المهتدين ، وعِبرة لكل طلاب الحكمة المقتدين ، ويبقى اسمه بلسما لليتاما والمساكين ، وآثاره نجاة للطالبين ، ومنهاجه سبيلا للسالكين ، وسيرته دليلا للتائهين ، فان أمير المؤمنين أسس فكراً منيراً ونهجاً قويماً ، وترك آثارا عظيمة ، فمن الناس من نهل من عذب علمه وارتقى ، ومنهم من هجر نهجه كما هجر القرآن قبله ، فأنقسم محبيه ومواليه ، منهم المستنيرين بضياء ولائه وأثره فأتبعوه اتباع الولد البار لابيه ، ومنهم من شذ عن طريقه وانحرف كالابن العاق ، فمن كان له الامام علي بالاسم ولياً ولم يقتدي به فقد ودّع نفسه وخسر وذلك الخسران المبين ، ومن كان له كالاب الروحي فقد ودّع الجسد الطاهر وحسب ، ويبقى يحيا ويأنس بروحه وكلماته ومنهجه ومسيرته ، نعم الفراق أليم ولكن على موعد اللقاء به ، فأن الدروس والعِبر يتلقاها بحياته من انسانيته وانصافه حتى مع عدوه ، ومحبته ورعايته للايتام والفقراء ، وشجاعته وبطولته مع اعداء الاسلام ، وزهده عن الدنيا وحطامها ، وعطاءه وسخاءه مع المساكين ، وعلمه الزاخر مع طلابه وفكره النيّر مع خواصه ، وحنانه وأبوّته مع رعيته ، وحلمه الجليل مع جُهّال الامة ، وتأديبه بنظراته مع المهملين ، واما عبادته فأنقطاعه لايوصف حيث تعرج الروح للملكوت وينتصب الجسد في الملك ، واي قُرب جسّده الامير بسجدة الفوز وصلاة العشق ، فأنما بلغ الاشتياق للباري ذروته فعرجت الروح سراعا الى محل القدس ، حقا يجف الحبر وينقطع الصوت ويعجز اللسان عن ذكر مقامات أمير الوجود ونور القلوب فلا وصف يبلغ حقيقة مولى الموحدين وبليغ المتكلمين وامام المتقين ، فقد ملئت مناقبه الخافقين ، هذا ونحن لانعرفه حق المعرفة ، فأن العارف به هو أخيه وحبيبه رسول الله ، كما قال له (ياعلي لايعرفُك الإ الله وانا )
ماأبلغها من كلمة واعمقها من دلالة ، تحمل من الاسرار ما لا يحتمله عقل بشر ،
فسلام عليك سيدي كلما شرقت شمس وغربت ، وسلام عليك كلما مع بزوغ قمر وأفوله ، وسلام عليك مع كل دمعة يتيم ومع كل حرفا يناله متعلم ¤
بقلم : حنين الزهراء