متى تشرق يافجر الزمان
مع تسارع ساعات شهر رمضان المبارك تلك التي وصفها رسول الرحمة الحبيب محمد صل الله عليهِ واله وسلم (وساعاته افضل الساعات وايامهُ أفضل الايام…)
تحلق الأرواح باجنحة الأمل لتدخل ليلة عظيمة مع ترنيمة الهي العفو الهي العفو .
تنشرح الصدور بالدموع فتطهر القلوب وتصفو الأرواح
وتتوهج رويداً بالاقتراب من ليلة عظيمة القدراً ومخفية شوقاً وكأن ترديد العفو وقطرات الدمع قوة إيجابية محركة ومحفزة لاكتساب المزايا الكمالية
ولتتسابق لبلوغها النفوس والأرواح ليس لتلك الحركة مثيل لشدة اللهفة والتوق الى الوصول .
تتلاشى الانانية وينبثق حب الخير للجميع ولذا نرى التمهيد لهذه الليلة بادعية اللهم ادخل على اهل القبور السرور اللهم اغنِ كل فقير….. فيدعو الانسان لغيره مقدما لها على نفسه وهو خروج على الانانية فيكون غاية في التواضع والخروج عن الانا .
من بين اهم المطالب الدعاء بالفرج للامام عج لان به يرحم الاحياء والاموات وبه يكسى العريان ويشبع الجائع وتكتمل صفات الرحمة بالنفوس .
فمن هنا تكون اهمية تغيير النفس لكمية العطاء المفاض بقدر ما نويت وغيرت وطهرت وقدمت…
فتتغير المقادير كمن جاء بفنجان فغير ووسع فاتى بكأس او اتى بماهو اوسع منهما فمقدار العطاء من الكريم بما يتسع ظرف القابل .
ومن اهم ما يتنبه له العبد في هذه الليلة مقدار اخلاصه فلا عبرة بالكثرة دون تفكر بتغيير فالسنة الالهية قائمة على تغيير ما في النفس اولا (( لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم )) صعودا او نزولا فالمقادير والعطايا حسب مافي النفس نعم يعطى الذي احياها بكثرة الدعاء لكن شتان بينه وبين من غير ما في نفسه فقد يعطى ذلك بما يفرق عنه كما الذي بين السماء والارض فلا فائدة ترجى من احياء لا يرتقي بالمرء ولا يوسع دائرته ويجعله حبيس ذاته.
كي يكون الخير النازل واسعا مباركا لابد من الخروج عن الانا والنفس فهي دائرة ضيقة لا تتناسب ومقدار الفيوضات النازلة والمنح الكثيرة
و كلها تريد السعي الحثيث والاعتراف والإقرار بالضعف ،محتاجاً ،مفتقراً،فاراً من الدنيا ومافيها الى مبدأ الكمال والجلال حالة الفرار الى الله تعالى
{ ففِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }
يقول العلماء ان ليلة القدر ليلة الإنجاز ، ليلة الحصاد وليس ليلة الزرع ،
والحصاد لابد ان يسبقه الكثير من العمل والجهد. والتنظيم والتهيأ.
حتى تكون مستعداً لنيل فضيلتها وهباتها وعطاياها الكريمة ميقات محط الرحال والعروج.
سئل الصادق (ع) عن ليلة القدر التي تنزل فيها الملائكة ، فقال :
{تنزل الملائكة والرُّوح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر} ، ثم قال لي الصادق (ع) : ممن ؟.. وإلى من ؟.. وما ينزل ؟.
كنت عند المعلى بن خنيس ، إذ جاء رسول الصادق (ع) فقلت له : سله عن ليلة القدر !.. فلما رجع قلت له :
سألته ؟.. قال : نعم ، فأخبرني بما أردت وما لم أُرد.. قال :
إن الله يقضي فيها مقادير تلك السنة ، ثم يقذف به إلى الأرض ، فقلت: إلى مَن ؟.. فقال: إلى من ترى يا عاجز ، أو ياضعيف )
ختامه مسك
اللهمُ اِنا نَرْغَبُ اليكَ في دولةٍ كريمةٍ تُعِزُّ بها الاسلامَ واَهلَه، وتُذِلً بِها النِفاقَ واَهله، وتَجْعَلُنا فيها من الدُعاةِ إلى طاعَتِك، والقادَةِ إلى سَبيِلِك، وترزُقُنا بها كرامةَ الدنيا والاخرة.
اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر
والحمد لله على نعمه كلها .
بقلم : ام مصطفى الكعبي
المصادر
بصائر الدرجات ص23
بصائر الدرجات ص221