عُذراً أيها العيدُ…أبما مضى أم فيكَ تجديدُ؟؟؟
بعد ان كُنّا في ضيافة شهر الله الذي أسرع فيه البدار وأعقبه الإمحاق ،ودخلنا بشهر آخر من شهور العام فهذه هي سنة الله في الليالي والايام يأتي شهر ثم تطوى صحيفته ويلحقه شهر آخر وهذا الأمر عبرة لمن اعتبر، فليس الأسف على هذه الدنيا الزائلة والتي مصيرها الى الفناء والزوال ،ولا على أحوالها المتغيرة من حال الى حال ،ولا على حطامها الذي مآله الى الزوال والاضمحلال ،وإنما الأسف على اوقاتنا التي ضاعت بالتسويف والاهمال،وايامنا وليالينا التي قضيناها في اتباع الملذات ، وصحائف أعمالنا التي طُويَت على عثرات وهفوات وخطيئات ،وعلى اعوام مرت علينا كالبرق الخاطف ثم صاح فيها المنادي بالرحيل والشتات ،وعلى انفاس ذهبت من غير رجعة وهي تحسب من أعمارنا ضاعت منّا في ميادين السباق ،فياخيبتنا على ماضيّعناه من أعمارنا ولم نستغله في طاعة الله ،ويا أسفا من خجلتنا وافتضاحنا حين يقوم الاشهاد،وياخسارة من كانت تجارته الذنوب والهفوات.
واما الآن حيث لازالت الفرصة مفتوحة وقد منحنا الله فرصة للتوبة (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ… ))وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم :((إن للتوبة باباً عَرض مابين مصراعيه، مابين المشرق والمغرب ،عرضه سبعين عاماً ،لايغلق حتى تطلع الشمس من مغربها)).
وقد منحنا الله التوبة عمّا سلف من أعمالنا فيمامضى من شهور العام فلنتق الله في شهرنا هذا والشهور المقبلة في عامنا هذا وفي سائر الاعوام ان ابقانا الله وإياكم على قيد الحياة ،إخوتي في الله ينبغي ان نتفطن جيداً لأنفسنا ولا نكون ممّن تتوقف عبادته وتنقطع علاقته بربه بل ليكن كل يوم جديد من حياتنا نقطة انطلاقنا لننهل من محطات الطاعات ونجني الحسنات، فنحن بعد ان منّ الله علينا في شهر طاعته وضيافته الذي لازلنا نستنشق عبير رائحته الإيمانية،فهذه دعوة لي ولكم فلنواصل المسيرة وعلى نفس الوتيرة فمادمنا وُفِّقنا لنقرأ كل يوم جزءاً من القرآن في رمضان فما المانع أن نستمر بذلك بعد رحيل رمضان؟ مااجملها من لحظات إيمانية رائعة مونقة بلذة العبادة والتقرب الى الله لنبقى نواصل إعمارها بذكر الله والاستغفار، ونسأل الله ان لايرد أكفنا التي أمتدت لتنهل من عطاياه مكللة بأدعيتنا التي فاضت بها قلوبنا ،ونسأل الله ان يتقبل منّا كل عمل صالح ،أخوتي تيقضوا فأيامنا تمضي مسرعة، نستقبل يوم ونودع آخر ،وسرعان ماتبدأ قصة شهر ثم تنتهي فلنبادر التوبة من الخطايا والذنوب ،ولنفكر بما يقربنا من الله وينجينا من عذابه،ولنَقْصر أملنا في الحياة ،ونكثر من ذكر الله تعالى، ولنجتنب المناهي كلها ونسأله الثبات بالقول الثابت حتى الممات.
ولقد أحسن من قال:
فبادر متاباً قبل ان يُغلق بابُهُ
وتُطوى على الأعمال صحف التزودِ
ومثِّلْ ورود القبرِ مهما رأيته
لنفسك نفاعاً فقدمه تسعدِ
ونسأل الله ان يجعل ايامنا جميعها عامرة بطاعة ، مؤلِّفة بين القلوب ومهذِّبة للنفوس. ، ونأمل منه ان يعيننا على طاعته، ونتمنى أن نكون قد حصدنا في في أعمارنا الكثير من الخير وغفران الذنوب والعتق من النار ، ونقاء النفوس، وحديث السمر مع الله ، وان نعاهد انفسنا ان لانُضيّع مامنحنا الله من الفرص واللحظات ونستثمر كل يوم من حياتنا بطاعته ،وتلاوة كتابه ،ولا نسمح بعودة الغبار على مصاحفنا ،ولا بعودة الكسل والفترة الى حياتنا ، بل ليكن شهر رمضان الذي حل وارتحل سبباً في التغيير في حياتنا، ونسأل الله من فضله ان يمن علينا جميعاً ويؤنسنا بكل عبادة أو خلق أو صحبة أو عادة غرسها فينا شهر الله ونأمل ان تستمر معنا فهي ربحنا الحقيقي، وزادنا الى معادنا، فنحن نعلم أنّ رمضان سيعود ولكن هل سنكون في إستقباله مرة اخرى ،فما بين دمعة توديع تقرّح جففوننا ودمعة سرور لختامه على خير نرفع الأكف مبتهلين لله، فيارب اقبل ما بذلناه. والطف بحالنا فعزيزنا فقدناه ،وكان نعم العون على طاعتك ،فهل سنواصل الطاعات بعد ان لملم حقائبه وارتحل عنّا اللهم اختم لنا برضوانك،. واجعله غافراً لذنوبنا، ماحياً لزلّاتنا، ومغيّراً لنفوسنا، واجعل ليلنا انس ،ونهارنا طاعة لك، و أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم الطاعات وألّا يجعل هذ آخر العهد لنا بطاعته اللهم زف أسماءنا إليك بعالي سمائك، وأحسن خاتمتنا واعتق رقابنا من النار،إنك سميعٌ مجيبُ الدعاء.
#مجمع -مبلغات -القرنة.