حرارة الشمس فوق رؤوسهم والأرض لشدة حرارتها تلسعهم ،
صليل سيوف تلمع رؤوسها تكاد تخطف أرواحهم ، تعلو صرخات الأطفال ويعلو الصياح نداء مرة للماء ومرة عماه، لا تسمع طرق نعلِهم بل رأت أثر الخوف من هروبهم وتزايد الركض من ذاك التراب المتصاعد خلفهم لانهم حفاة والرعب شغل قلوبهم ، صهيل خيل ، صفير رياح ، دخان ونار تلتهب الخيام ، ها هي زينب اوقدت شمعة تنير المكان إذ أمسى موحشاً وبدأت تستحضر صور ما جرى في ليلة العاشر بصمت مطبق وغصة كبتتها جراء شموخها وكبرياءها ، هنا محط قلب اضناه واتعبه حاجز الوداع لقد رحل الأحباب ورحلت أرواحهم إلى بارئها والاجسام ضلت معانقة ذرات الرمل والتراب ، إنها تتنفس رائحة حرق الخيام وترى غيمة سوداء تحيط المكان ، بألم تتفقد الأطفال لم تجد اي أثر لهم نادت بأسمائهم جاء الجواب لاتبحثي عنهم فحوافر الخيل سحقتهم ، دموع عينيها عانقت صحن خديها تذكرت أخوها وآخر نداء حينما صاح ثلاث زينب وبانقطاع النفس سكت النداء ، وموقف آخر لعباسها حين داهمه العطش وجاءه الماء طائعا زلالا باردا متلألئ بين يديه لكنه رمقه بنظرة الاحتقار ممتنعا عن الشرب متضامنا مع القلوب الصغيرة التي اضناها العطش ، ولم تفارقها صورة طفلة أمنَ الألم تصرخ أم الخوف أم العطش ! تزف دما ويدها على شحمة اذنها لقد سرقوا قِرطها ، واسغت إلى صوت حنين يأن عرفت انها صوت الرباب تنعى ابنها ، واحرق القلب منظر سجاد العترة الطاهرة وقيود تكبله ، لقد سكنت الأجساد المنهكة الراحلة إلى ربها وبدأت من جديد المعركة وزينب بطلتها.
فصوت الحق بقى ويبقى حيث مقولتها والله لن تمحوا ذكرنا .
بقلم أمل الأسدي